كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



112- ثم قال جل وعز: {قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون} قال قتادة فصلنا بمعنى بينا.
113- وقوله عز وجل: {وهو الذي أنزل من السماء ماء فأخرجنا به نبات كل شيء فأخرجنا منه خضرا} {خضرا} بمعنى أخضر.
114- وقوله عز وجل: {ومن النخل من طلعها قنوان دانية} قال قتادة القنوان العذوق وكذلك هو عند أكثر أهل اللغة.
يقال عذق وقنو بمعنى واحد فأما العذق فالنخلة وقيل القنوان الجمار وقال البراء بن عازب دانية قريبة والمعنى ومنها قنوان بعيدة كما قال تعالى: {سرابيل تقيكم الحر}.
115- وقوله جل وعز: {والزيتون والرمان مشتبها وغير متشابه} أي مشتبها في المنظر وغير متشابه في الطعم.
116- ثم قال جل وعز: {انظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه} أي ونضجه.
يقال ينع وينع وأينع وينع إذا نضج وأدرك.
وقال الحجاج في خطبته {أرى رؤوسا قد أينعت وحان قطافها}.
117- وقوله جل وعز: {وجعلوا لله شركاء الجن} قيل معناه انهم أطاعوهم كطاعة الله وقيل معناه نسبوا إليهم الافاعيل التي لا تكون الا لله جل وعز أي فكيف يكون الشريك لله المحدث الذي لم يكن ثم كان.
118- وقوله جل وعز: {وخلقهم} يحوز أن يكون المعنى وخلق الشركاء ويجوز أن يكون المعنى وخلق الذين جعلوا وقرأ يحيى بن يعمر {وخلقهم} باسكان اللام قال ومعناه وجعلوا خلقهم لله شركاء.
وسئل الحسن عن معنى {وخرقوا له بنين وبنات} بالتشديد فقال انما هو {وخرقوا} بالتخفيف كلمة عربية كان الرجل إذا كذب في النادي قيل خرقها ورب الكعبة وقال أهل اللغة معنى خرقوا اختلفوا وافتعلوا خرقوا على التكثير.
119- وقوله جل وعز: {أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة} أي من أين يكون له ولد والولد لا يكون له الا من صاحبة {وخلق كل شيء} أي فليس شيء مثله فكيف يكون له ولد.
120- وقوله جل وعز: {لا تدركه الابصار} قيل معناه في الدنيا.
وقال الزجاج أي لا يبلغ كنه حقيقته كما تقول أدركت كذا وكذا لأنه قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم الاحاديث في الرؤية يوم القيامة.
121- وقوله جل وعز: {قد جاءكم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه} المعنى فلنفسه نفع ذلك {ومن عمي فعليها} أي فعليها ضرر ذلك.
122- وقوله جل وعز: {وكذلك نصرف الآيات وليقولوا درست} هذه قراءة أهل المدينة وأهل الكوفة وابن الزبير ومعناها تلوت وقرأت.
وقرأ علي بن أبي طالب {دارست} وهو الصحيح من قراءة ابن عباس وسعيد بن جبير ومجاهد وعكرمة وأبي عمرو وأهل مكة قال ابن عباس معنى دارست تاليت قال سعيد بن جبير أي دارست أهل الكتاب وقرأ قتادة {درست} أي قرئت وقرأ الحسن {درست} أي امحت وقدمت.
وروى سفيان بن عيينه عن عمرو بن عبيد عن الحسن أنه قرأ {دارست} وكان أبو حاتم يذهب إلى أن هذه القراءة لا تجوز قال لأن الآيات لا تدارس.
وقال غيره القراءة بهذا تجوز وليس المعنى على ما ذهب إليه أبو حاتم ولكن معناه دارست أمتك أي دارستك أمتك فان كان لم يتقدم لها ذكر فانه يكون مثل قوله تعالى: {حتى توارت بالحجاب} وحكى الاخفش {وليقولوا درست} وهو بمعنى درست الا أنه أبلغ وحكى أبو العباس أنه يقرأ {وليقولوا درست} باسكان اللام على الامر وفيه معنى التهديد أي فليقولوا ما شاءوا فان الحق بين كما قال جل وعز: {فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا} فأما من كسر اللام فانها عنده لام كي قال أبو اسحاق وأهل اللغة يسمونها لام الصيرورة أي صار إلى هذا كما قال جل وعز: {ربنا ليضلوا عن سبيلك} وكما تقول كتب فلان هذا الكتاب لحتفه أي فصار أمره إلى ذلك وهذه القراءات كلها يرجع اشتقاقها إلى شيء واحد إلى التليين والتذليل.
ودرست قرأت وذللت ودرست الدار ذلت وأمحقت وقال ودرس الحنطة أي داسها.
123- وقوله جل وعز: {ولو شاء الله ما أشركوا} قيل معنا لو شاء الله لاستأصلهم والله أعلم بما أراد.
124- ثم قال جل وعز: {وما جعلناك عليهم حفيظا وما أنت عليهم بوكيل} وهذا قبل أن يؤمر بالقتال.
125- وقوجل وعز: {ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم} قال قتادة كان المسلمون يسبون الاصنام فيسب المشركون الله عدوا بغير علم وروي أن في قراءة أهل مكة {عدوا بغير علم} والقراءة حسنة ومعنى {عدوا} بمعنى أعداء كما قال تعالى: {ان الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا} وتقرأ {عدوا} يقال إذا تجاوز في الظلم عدا يعدو عدوا وعدوا وعدوانا وعداء.
126- ثم قال جل وعز: {كذلك زينا لكل أمة عملهم} قيل معناه مجازاة على كفرهم وقيل أعمالهم يعني الاعمال التي يجب أن يعملوا بها وهي الايمان والطاعة والله أعلم بحقيقة ذلك.
127- وقوله جل وعز: {وأقسموا بالله جهد أيمانهم} أي اجتهدوا في الحلف {لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها} يعنون آية مما يقترحون.
128- وقوله جل وعز: {وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون}.
قال مجاهد معناه وما يدريكم قال ثم ابتدأ فقال: {انها إذا جاءت لا يؤمنون} وقرأ أهل المدينة {أنها إذا جاءت} قال الكسائي {لا} هاهنا زائدة والمعنى وما يشعركم أنها إذا جاءت يؤمنون وشبهه بقوله جل وعز: {قال ما منعك الا تسجد إذ أمرتك} وهذا عند البصريين غلط لأن {لا} لا تكون زائدة في موضع تكون فيه نافيه قال الخليل المعنى لعلها وشبهه بقول العرب ايت السوق أنك تشتري لنا شيئا بمعنى لعلك.
وروي أنها في قراءة أبي {وما يشعركم لعلها إذا جاءت لا يؤمنون} وأنشد أهل اللغة في (أن) بمعنى (لعل):
أريني جوادا مات هزلا لانني

أرى ما ترين أو بخيلا مخلدا وقيل في الكلام حذف والمعنى وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون أو يؤمنون ثم حذف هذا لعلم السامع ويروى أن المشركين قالوا ادع الله أن ينزل علينا الآية التي قال فيها {ان نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين} ونحن والله نؤمن فقال المسلمون يا رسول الله ادع الله أن ينزلها فأنزل الله عز وجل: {وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون}.
129- ثم قال جل وعز: {ونقلب أفئدتهم وأبصارهم} و(أفئدة) جمع فؤاد.
130- وقوله جل وعز: {ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ما كانوا ليؤمنوا الا أن يشاء الله} ويروى أنهم سألوا هذه الاشياء فنزل هذا قال مجاهد {قبلا} أفواجا أي قبيلا قبيلا يذهب إلى أنه جمع قبيل وهو الفرقة وقيل هو جمع قبيل و(وقبيل) بمعنى كفيل أي لو كفل لهم الملائكة وغيرهم بصحة هذا لم يؤمنوا كما قال تعالى: {أو تأتي بالله والملائكة قبيلا} ويجوز أن يكون معنى {قبلا} كمعنى مقابلة كما قال تعالى: {ان كان قميصه قد من قبل} ومن قرأ {قبلا} فمعناه عنده معاينة.
131- وقوله جل وعز: {وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا} أي كما جعلنا لك ولامتك أعداء وعدو بمعنى أعداء.
132- ثم قال جل وعز: {شياطين الانس والجن} وقرأ الاعمش {شياطين الجن والانس} والمعنى واحد.
133- ثم قال تعالى: {يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا} قال مجاهد أي يزينون لهم ذاك أي يزينون لهم العمل القبيح وكذلك الزخرف في اللغة هو التزيين ومنه قيل للذهب زخرف.
134- ثم قال جل وعز: {ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون} أي لو شاء لمنعهم من وسوستهم الانس ولكنه يبتلي بما شاء ليجزل الثواب.
135- وقوله جل وعز: {ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة} يقال صغى يصغى وصغا أنه يصغو وأصغى يصغي إذا مال كما قال الشاعر:
تصغي إذا شدها بالرحل جانحة ** حتى إذا ما استوى في غرزها تثب

136- ثم قال جل وعز: {وليرضوه وليقترفوا ما هم مقترفون} أي وليكتسبوا ويقال قرفت الجلد إذا قلعته ويقرأ {وليقترفوا} وفيه معنى التهديد قال قتادة صدقا فيما وعد وعدلا فيما حكم.
137- وقوله جل وعز: {ان يتبعون الا الظن} أعلم جل وعز أنهم ليسوا على بصائر ولا يقين وأنهم لا يتبعون الحق ويقرأ {ان ربك هو أعلم من يضل عن سبيله} وهذا على حذف المفعول وفتح الياء أحسن لأن بعده {وهو أعلم بالمهتدين}.
138- وقوله جل وعز: {فكلوا مما ذكر اسم الله عليه} أي مما أخلص لله وتحريم الميتة داخل في هذا.
139- ثم قال جل وعز: {وما لكم ألا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه} وروى عكرمة عن ابن عباس أن المشركين قالوا للمسلمين لم تأكلون ما قتلتم ولا تأكلون ما قتل الله لكم فأنزل الله جل وعز: {وان الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم}.
140- وقوله جل وعز: {وقد فصل لكم ما حرم عليكم الا ما اضطررتم إليه}.
قال قتادة فصل بين وقرأ عطية العوفي {وقد فصل لكم} خفيفة ومعناه أبان وظهر كما قرئ {آلر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت} أي استبانت.
141- وقوله جل وعز: {وذروا ظاهر الاثم وباطنه} قال قتادة أي علانيته وسره وقال غيره ظاهر الاثم الزنا وباطنه اتخاذ الاخدان والاشبه باللغة قول قتادة.
142- ثم قال جل وعز: {ان الذين يكسبون الاثم سيجزون بما كانوا يقترفون}.
أي يكسبون ويعملون ويقال قرفت الجلد أي قلعته قال أبو جعفر اختلف أهل العلم في معنى {ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه} فكان مذهب ابن عباس أن هذا جواب للمشركين حين سألوا النبي صلى الله عليه وسلم وتخاصموا فقالوا كيف لا نأكل مما قتل ربك ونأكل مما قتلنا فأنزل الله عز وجل: {ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه} ورواه عنه سعيد بن جبير وعكرمة فالمعنى على هذا ولا تأكلوا من الميتة وقال الشعبي ومحمد بن سيرين لا يؤكل من الذبائح التي لم يسم الله جل وعز عليها كان ذلك عمدا أو نسيانا.
وقال سعيد بن جبير وعطاء إذا ترك التسمية عمدا لم يؤكل وإذا نسي أكل وهذا حسن لأنه لا يسمى فاسقا إذا كان ناسيا.
143- ومعنى {ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه} مما لم يخلص لله {وانه لفسق} أي خروج من الطاعة ويقال فسقت الرطبة إذا خرجت من قشرها.
144- ثم قال جل وعز: {وان الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم} أي يوسوسون إليهم وقد ذكرت معنى ليجادلوكم.
145- ثم قال جل وعز: {وان أطعتموهم انكم لمشركون} وقال أهل النظر في هذا دليل على أنه من أحل ما حرم الله أو حرم ما أحل الله فقد أشرك.
وقيل له مشرك لأنه اتبع غير الله فأشرك به غيره جل وعز.
146- وقوله جل وعز: {أو من كان ميتا فأحييناه} قال مجاهد المعنى أو من كان ضالا فهديناه {وجعلنا له نورا يمشي به في الناس} أي هدى {كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها}.
قال مجاهد أي في الضلالة قال السدي: هذا نزل في عمر بن الخطاب رحمة الله عليه وأبي جهل والذي يوجب المعنى أن يكون عاما الا أن تصح فيه رواية.
147- وقوله جل وعز: {وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها} قال مجاهد أي عظماءهم وقال غيره وخص العظماء والرؤساء لانهم أقدر على الفساد.
148- ثم قال تعالى: {وما يمكرون الا بأنفسهم} أي ان وبال ذلك يرجع عليهم.
149- وقوله جل وعز: {سيصيب الذين أجرموا صغار عند الله} وان كانوا أعزاء في الدنيا فستلحقهم وهو الذلة يوم القيامة وفي الآية ثلاثة أقوال أحدهما أن المعنى سيصيب الذين أجرموا عند الله صغار على التقديم والتأخير والقول الثاني أن المعنى سيصيب الذين أجرموا صغار ثابت عند الله.
وهذا أحسن الاقوال لأن {عند} في موضعها والقول الثالث ذكره الفراء أنه يجوز أن يكون المعنى سيصيب الذين أجرموا صغار من عند الله وهذا خطأ عند البصريين لأن (من) لا تحذف في مثل هذا.
150- وقوله جل وعز: {فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للاسلام} روي أن عبد الله بن مسعود قال يا رسول الله هل ينشرح الصدر فقال نعم يدخل القلب نور فقال وهل لذلك من علامة فقال صلى الله عليه وسلم: «التجافي عن دار الغرور والانابة إلى دار الخلود والاستعداد للموت قبل الموت».
151- ثم قال جل وعز: {ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا} أي شديد الضيق وقرأ عمر وابن عباس {ضيقا حرجا} وروي أن عمر أحضر أعرابيا من كنانة من بني مدلج فقال له ما الحرجة فقال شجرة لا تصل إليها وحشية ولا راعية فقال كذلك قلب الكافر لا يصل إليه شيء من الايمان والخير.
152- ثم قال جل وعز: {كأنما يصعد في السماء} وقرأ ابن محيص وابن كثير وشبل {كأنما يصعد في السماء} وقرأ ابن عبد الرحمن المقرئ وابراهيم النخعي {كأنما يصاعد}.
وروي عن عبد الله بن مسعود أنه كان يقرأ {كأنما يتصعد} ومعنى هذه القراءة وقراءة من قرأ يصعد ويصاعد واحد والمعنى فيها أن الكافر من ضيق صدره كأنه يريد أن يصعد إلى السماء وهو لا يقدر على ذلك كأنه يستدعي ذلك ومن قرأ {يصعد} فمعناه أنه من ضيق صدره كأنه في حال صعود قد كلفه وقال أبو عبيد من هذا قول عمر: مات صعدتني صلى الله عليه وسلم خطبة ما تصعدتني خطبة النكاح وقد أنكر هذا على أبي عبيد وقيل انما هذا من الصعود.
وهي العقبة الشاقة قال الله جل وعز: {سأرهقه صعودا}.
153- ثم قال جل وعز: {كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون} قال مجاهد الرجس ما لا خير فيه وكذلك الرجس عند أهل اللغة هو النتن فمعنى الآية والله أعلم ويجعل اللعنة في الدنيا والعذاب في الآخرة على الذين لا يؤمنون.
154- وقوله جل وعز: {قد فصلنا الآيات لقوم يذكرون} أي بينا.